نقائض جرير والفرزدق

نقائض جرير والفرزدق - مدارس ثامر العالمية

بقلم: محمود سائد صالح / الخامس (أ)

شعر النقائض هو أحد فنون الأدب التي بدأت منذ العصر الجاهلي وتطورت وأصبحت فناً أدبياً قائماً بذاته في العصر الأموي على أيد ثلاثة شعراء أمويين هم: الفرزدق وجرير والأخطل، ولكن نقائض فرزدق وجرير هي الأكثر شهرة وعمقاً في هذا المجال من الأدب في تاريخ الأدب العربي على مر العصور.

ما هي النقائض؟

هي لون جديد من ألوان الأدب والمناظرات الأدبية، ويرجع له الفضل الكبير في تسجيل أنساب العرب وحكاياتهم وصفاتهم وطريقة حياتهم وأخلاقهم وعاداتهم في العصر الأموي، وقد أضاف هذا اللون من الأدب ثروة هائلة من الألفاظ إلى اللغة العربية.

النقائض لغة: هي جمع مفرده نقيضه، ولها أكثر من معنى ولكن المعنى المراد هنا هو مناقضة القول أي أن تتكلم بخلاف المعنى. أما تعريف النقائض فهو أن يهجو الشاعر شاعراً آخراً أو أن يفتخر بنفسه أو بقومه أمامه بقصيدة على بحرٍ معين وقافيةٍ محددة ورويٍّ ما، فيردُّ عليه الشاعر الآخر بالبحر نفسه والقافية والرويّ بقصيدةٍ حول الموضوع نفسه، ولكن يُضمّنها هِجاءً مُعاكساً وفخراً يُلغي فيه فخر الشاعر الأول بنفسه وينفيه. مثال على ذلك ما قاله الأخطل في هجاء (بني كليب) وهي قبيلة جرير، ومفتخراً بقبيلة (بني دارم) قبيلة الفرزدق وذلك في قصيدة له يمدح فيها عبدالملك بن مروان:

أما كليب بن يربوع فليس لهم * * * عند التفارط إيراد ولا صدر

فيرد جرير عليه بالأبيات التالية:

خابت بنو تغلبٍ إذ خلّ فارطهم * * * حوض المكارم إنّ المجد مبتدَرُ

وقد قالوا: جرير يغرف من بحر والفرزدق ينحت في الصخر.

فتعالوا معي لنتعرف على بطلي النقائض:

جرير: هو جرير بن عطية الكلبي اليربوعي التميمي الذي يُعدُّ من أشهر شعراء نجد في فن الهجاء، ويُكنّى بأبي حرزة. ولد جرير عام 33هـ في اليمامة وكانت نشأته في أسرة فقيرة. يُقال إنه يشترك مع الفرذدق في جدهما الأكبر تميم. تعلم جرير الشعر في مرحلة مبكرة من حياته على يد جده حذيفة بن بدر فقد كانت نشأته في ظل عهد الأمويين.

أثَّرت بيئته البدوية تأثيراً كبيراً على أشعاره وظهر أثرها الواضح في رقَّة ألفاظه وسهولتها، ولكن شعره لم يتأثر بروح البادية فقط بل ترك الأثر الديني المتمثل في القرأن الكريم أثره في شعره، حيث لطَّف من طابع البداوة فيه، كما ترك أثره في رقة ألفاظه، والتأثير على معانيه وأفكاره، كما أن جرير لايُكثر من الصور البيانية في قصائده.

أبدع جرير في فنون الشعر (المديح، الهجاء، الغزل والرثاء).

انصب أكثر شعر المديح عند جرير على بني أمية حيث كان يُشيد بمكارمهم وعظمتهم.

الفرزدق: هو هَمّام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي وكنيته أبو فراس وقد لُقِّب الفرزدق لضخامة وتجهُّم وجهه، ومعناه الرغيف، وقد قِيل لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث العربية.

علاقة جرير بالفرذدق:

بالرغم من انتمائهما للقبيلة نفسها، إلا أن مابينهما كان عبارة عن منافسة شعرية. فقد كان هناك نوع من توارد الخواطر بين الشاعرين لدرجة أن الفرذدق كان يستطيع أن يكمل قصائد جرير دون أن يسمعها من قبل. وأكبر دليل علي أن خصومتهما لم تكن خارج حدود الشعر أن جرير رثى الفرذدق.

توفي جرير في اليمامة وكان ذلك في عام 114هـ ومن أشهر قصائدة قصيدة رثاء لزوجته قال في مطلعها:

لولا الحياء لهاجني استعبار * * * ولزرت قبرك والحبيب يُزار

المصدر: مجلة شهد الكلمة - العدد الثاني - أبريل 2018-2019